وجيه قانصوه غسل سيئات الماضي بحسنات الحاضر في محاولة مكلفة للتخلص من مرحلة شارك فيها وساهم في بناء أحجار الجهل باعتبارها ركائز البناء الثقافي للحركة الاسلامية
من بين قلّة لمع اسم وجيه قانصوه في الحركة الإسلامية (الشيعية ) بُعيد المدّ الخميني وبدا اسماً على مسمى في الوعي الديني وأكمل مجهوده الحركي في خط الثورة مستقيماً في الدائرة المعرفية ضمن مجموعة محدودة لم تعرف اليسار العربي ولم تنخرط مسبقاً في الاتجاه القومي وكانت ذات تجربة بكرية في التجربة الاسلامية الحديثة التي تأسّست في أولى دعواتها على خُطب نُخب رجال دين نهضوا من كبوة الانتظار الى صحوة التمهيد .
آنذاك كانت الحركة الاسلامية تتسع للعلم بالمعنى المعاصر وهذا ما أغرّ ببعض المتعلمين الذين مالوا الى الدين واستحسنوا ما فيه من دعوة الى الجمع مابين الدنيا و الآخرة في علاقة غير مأزومة مع الله والناس خاصة و أن تأثيرات الثورة الإيرانية قد وصلت حماستها الى كل باحث عن خيارات من خارج السائد السياسي ممن لم تضعه الظروف في سياق السياسات الثورية ذات التأشيرات الماركسية بعد أن مروا  طوعاً في الشبكات القومية .
مع بروز الحالة الاسلامية الشيعية المتمظهرة في حزب الله بدت النخب الثقافية ناشطة وهذا ما أتاح الفرص لأسماء أثبتت حضوراً في الساحة الثقافية وباتت كأسماء كتب معروفة في المكتبة الدينية لم يكن المرور في خط الإسلام السياسي دون الإطلاع عليها وهذا ما عزّز من أدوار النخبة الدينية المثقفة والمتعلمة كدرجة ثانية بعد درجة رجال الدين الأولى باعتبارهم رُسُل الرسالة والدعوة وقادة الحركة الاسلامية ولا مجال للمدني فيها ومهما علا شأنه سوى الخضوع والانقياد لقيادة رجل الدين و إن كان أميّاً .
سمعت بالدكتور وجيه قانصوه من خلال الشهرة التي انتشرت في أوساط المهتمين بالدين " العقلي " وتابعت ظاهرة الدكاترة الذين وفدوا الى دين الحالة الاسلامية أو نموا مع الحركة الاسلامية باهتمام باعتبارهم مادة سجالية داخل مساحة ضيقة من الجدل وهذا ما أغرّ أيضاً ببعض المتأثرين بالنخب المتعلمة والتي استمالتها الحالة الاسلامية فانخرطوا في الجو الديني تشجيعاً من قبل عقول الدكاترة الذين أغرُوا بعد أن انغرّوا هم أيضاً بوعود لم يجدوها فسلك أكثرهم طرُق الله بعد أن ظنوه طرُق الشيطان .
طبعاً بدت السنوات سريعة جداً وحملت مفاجأت تم بموجبها انتقال الكثيرين أو القلّة المُفكرة من موقع الى موضع آخر ومن بين هؤلاء القلّة الدكتور وجيه قانصوه الذي غسل سيئات الماضي بحسنات الحاضر في محاولة مكلفة للتخلص من مرحلة شارك فيها وساهم في بناء أحجار الجهل باعتبارها ركائز البناء الثقافي للحركة الاسلامية وكانت كتاباته وكتبه الأخيرة تمسح ما تقدم من ذنوب الطاعة لرجال الدين وما تأخرّ لنصوص ميتة تريد إحياء البشر على لحودها  .
في استضافة المركز العربي للحوار وموقع لبنان الجديد للدكتور وجيه قانصوه  مساحة شغلها لساعة في تحريك النص الماركسي المهمش واعتباره أداة لفعل تاريخي يتيح لثورة مختلفة عن الثورة البلشفية امكانية حدوثها باعتبارها ضرورة لنقل المجتمعات من مستوى اجتماعي معين الى مستوى آخر أكثر تلبية للأكثرية مما هو عليه من حاجة محصورة بمصالح قلّة من الأفراد أو الشبكات الاقتصادية .
أن يعيد اسلامي قديم بنى أفكاره على كُتُب قطب والبنا وباقر الصدر والسيدّ فضل الله  بناءًا على تعاليم ماركسية هجرها الماركسيون وعافتها الأحزاب الشيوعية العربية محط دراسة في الوعي الديني المستجد والذي يدفع بالايمان الأعمى الى كفر أكثر بصراً  بحيث يفتح العقل على منتوجاته وبضاعته الفكرية والتي تبحث عن حلول لمشكلات البشر في فضاء من التحولات الاجتماعية ضمن صيرورات تاريخية لا يمكن صدّها بمواد دينية جاهزة .